فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقرأ ابن أبي عبلة {الدين} بالرفع كما رواه الثقاة فلا عبرة بإنكار الزجاج، وخرج ذلك الفراء على أنه مبتدأ خبره الظرف المقدم للاختصاص أو لتأكيده.
واعترض بأنه يتكرر مع قوله تعالى: {أَلاَ لِلَّهِ الدين الخالص} وأجيب بأن الجملة الأول استئناف وقع تعليلًا للأمر بإخلاص العبادة وهذه الجملة تأكيد لاختصاص الدين به تعالى أي ألا هو سبحانه الذي يجب أن يخص بإخلاص الدين له تعالى لأنه المتفرد بصفات الألوهية التي من جملتها الإطلاع على السرائر والضمائر، وهي على قراءة الجمهور استئناف مقرر لما قبله من الأمر بإخلاص الدين له عز وجل ووجوب الامتثال به، وفي الإتيان بالا واسمية الجملة وإظهار الجلالة والدين ووصفه بالخالص والتقديم المفيد للاختصاص مع اللام الموضوعة له عند بعض ما لا يخفى من الدلالة على الاعتناء بالدين الذي هو أساس كل خير، قيل ومن هنا يعلم أنه لا بأس يجعل الجملة تأكيدًا للجملة قبلها على القراءة الأخيرة وإليه ذهب صاحب التقريب وقال: بتغاير دلالتي الجملتين إجمالًا وتفصيلًا.
ورد بذلك زعم إباء هذه الجملة صحة تخريج الفراء.
والحق إنه تخريج لا يعول عليه، ففي الكشف لما كان قوله تعالى: {لِلَّهِ الدين الخالص} بمنزلة التعليل لقوله سبحانه: {فاعبد الله مُخْلِصًا} [الزمر: 2] كان الأصل أن يقال فلله الدين الخالص ثم ترك إلى {أَلاَ لِلَّهِ الدين الخالص} مبالغة لما عرفت من أنه أقوى الوصلين ثم صدر بحرف التنبيه زيادة على زيادة وتحقيقًا بأن غير الخالص كالعدم فلو قدر الاستئناف التعليلي أولًا من دون الوصف المطلوب الذي هو الأصل في العلة ومن دون حرف التنبيه للفائدة المذكورة كان كلامًا متنافرًا ويلزم زيادة التنافر من وصف الدين بالخلوص ثانيًا لدلالته على العي في الأول إذ ليس فيه ما يرشد إلى هذا الوصف حتى يجعل من باب الاجمال والتفصيل؛ وأما جعله تأكيدًا فلا وجه له للوصف المذكور ولأن حرف التنبيه لا يحسن موقعها حينئذ فإنها يؤتى بها في ابتداء الاستئناف المضاف لقصد التأكيد. اهـ.
ونص العلامة الثاني أيضًا على أن كون الجملة الثانية تأكيدًا للأولى فاسد عند من له معرفة بأساليب الكلام وصياغات المعاني ففيها ما ينبو عنه مقام التأكيد ولا يكاد يقترن به المؤكد لكن في قول صاحب الكشف: ليس في الأول ما يرشد إلى وصف الخلوص حتى يجعل من باب الاجمال والتفصيل بحثًا إذ لقائل أن يقول: إن {لَّهُ الدين} على معنى له الدين الكامل ومن المعلوم أن كمال الدين بكونه خالصًا فيكون في الأول ما يرشد إلى هذا الوصف نعم وهن ذلك التخريج على حاله قبل هذا البحث أم لم يقبل.
وقال أبو حيان: الدين مرفوع على أنه فاعل بمخلصًا الواقع حالًا والراجع لذي الحال محذوف على رأي البصريين أي الدين منك أو تكون أل عوضًا من الضمير أي دينك وعليه يكون وصف الدين بالإخلاص وهو وصف صاحبه من باب الإسناد المجازي كقولهم شعر شاعر، وفي الآية دلالة على شرف الإخلاص بالعبادة وكم من آية تدل على ذلك.
وأخرج ابن مردويه عن يزيد الرقاشي أن رجلًا قال: يا رسول الله إنا نعطي أموالنا التماس الذكر فهل لنا من أجر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا قال: يا رسول الله إنا نعطي التماس الأجر والذكر فهل لنا أجر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى لا يقبل إلا من أخلص له» ثم تلا رسول الله عليه الصلاة والسلام هذه الآية {أَلاَ لِلَّهِ الدين الخالص} ويؤيد هذا أن المراد بالدين في الآية الطاعة لا كما روى عن قتادة من أنه شهادة أن لا إله إلا الله وعن الحسن من أنه الإسلام، وقوله تعالى: {والذين اتخذوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء} الخ تحقيق لحقية التوحيد ببطلان الشرك ليعلم منه حقية الإخلاص وبطلان تركه وفيه من ترغيب المخلصين وترهيب غيرهم ما لا يخفى، والموصول عبارة عن المشركين من قريش وغيرهم كما روى عن مجاهد، وأخرج جويبر عن ابن عباس أن الآية نزلت في ثلاثة أحياء: عامر وكنانة وبني سلمة كانوا يعبدون الأوثان ويقولون: الملائكة بنات الله فالموصول إما عبارة عنهم أو عبارة عما يعمهم وأضرابهم من عبدة غير الله سبحانه وهو الظاهر فيكون الأولياء عبارة عن كل معبود باطل كالملائكة وعيسى عليهم السلام والأصنام، ومحل الموصول رفع على الابتداء خبره الجملة الآتية المصدرية بأن، وقوله تعالى: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرّبُونَا إِلَى الله زُلْفَى} حال بتقدير القول من واو {اتخذوا} مبينة لكيفية إشراكهم وعدم خلوص دينهم أي اتخذوا قائلين ذلك، وجوز أن يكون القول المقدر قالوا ويكون بدلًا من {اتخذوا} وأن يكون المقدر ذلك ويكون هو الخبر للموصول والجملة الآتية استئناف بياني كأنه قيل بعد حكاية ما ذكر: فماذا يفعل الله تعالى بهم؟ فقيل إن الله يحكم بينهم الخ، والوجه الأول هو المنساق إلى الذهن، نعم قرأ عبد الله وابن عباس ومجاهد وابن جبير قالوا: {مَا نَعْبُدُهُمْ} الآية لكن لا يتعين فيه البدلية أو الخبرية، وقد اعترض البدلية صاحب الكشف بأن المقام ليس مقام الإبدال إذ ليس فيه إعادة الحكم لكون الأول غير واف بالغرض اعتناء بشأنه لاسيما وحذف البدل ضعيف بل ينافي الغرض من الإتيان به، والاستثناء مفرغ من أعم العلل و{زلفى} مصدر مؤكد على غير لفظ المصدر أي والذين لم يخلصوا العبادة لله تعالى بل شابوها بعبادة غيره سبحانه قائلين ما نعبدهم لشيء من الأشياء إلا ليقربونا إلى الله تعالى تقريبًا.
وقرئ {نَعْبُدُهُمْ} بضم النون اتباعًا لحركة الباء {إِنَّ الله يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} أي وبين خصمائهم الذين هم المخلصون للدين وقد حذف لدلالة الحال عليه كما في قوله تعالى: {لاَ نُفَرّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مّن رُّسُلِهِ} [البقرة: 285] على أحد الوجهين أي بين أحد منهم وبين غيره، وعلى قول النابغة:
فما كان بين الخير لو جاء سالما ** أبو حجر إلا ليال قلائل

أي بين الخير وبيني، وقيل الضمير للفريقين المتخذين والمتخذين وكذا الكلام في ضميري الجمع في قوله تعالى: {فِيمَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} والمعنى على الأول أنه تعالى يفصل الخصومة بين المشركين والمخلصين فيما اختلفوا فيه من التوحيد والإشراك وادعى كل صحة ما اتصف به بإدخال المخلصين الموحدين الجنة وإدخال المشركين النار أو يميزهم سبحانه تمييزًا يعلم منه حال ما تنازعوا فيه بذلك، والمعنى على الثاني أنه تعالى يحكم بين العابدين والمعبودين فيما يختلفون حيث يرجو العابدون شفاعتهم وهم يتبرؤن منهم ويلعنونهم قالا أو حالًا بإدخال من له أهلية دخول الجنة من المعبودين الجنة وإدخال العابدين ومن ليس له أهلية دخول الجنة ممن عبد كالأصنام النار، وإدخال الأصنام النار ليس لتعذيبها بل لتعذيب عبدتها بها، وسيأتي قريبًا إن شاء الله تعالى ما يضعفه.
وأجاز الزمخشري كون الموصول السابق عبارة عن المعبودين على حذف العائد إليه وإضمار المشركين من غير ذكر تعويلًا على دلالة السياق عليهم ويكون التقدير والذين اتخذهم المشركون أولياء قائلين ما نعبدهم إلا ليقربونا عند الله زلفى إن الله يحكم بينهم وبين عبدتهم فيما الفريقان فيه يختلفون حيث يرجو العبدة شفاعتهم وهم يلعنوهم بإدخال ما هو منهم أهل للجنة الجنة وإدخال العبدة مع أصنامهم النار.
وتعقب بأنه بعد الإغضاء عما فيه من التعسفان بمعزل من السداد كيف لا وليس فيما ذكر من طلب الشفاعة واللعن مادة يختلف فيها الفريقان اختلافًا محوجًا إلى الحكم والفصل فإنما ذاك ما بين فريقي الموحدين والمشركين في الدنيا من الاختلاف في الدين الباقي إلى يوم القيامة فتدبر ولا تغفل.
وقرئ {مَا} حكاية لما خاطبوا به آلهتهم {مّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ الله لاَ يَهْدِى} أي لا يوفق للاهتداء الذي هو طريق النجاة عن المكروه والفوز بالمطلوب {مَنْ هُوَ كاذب كَفَّارٌ} في حد ذاته وموجب سيء استعداده لأنه غير قابل للاهتداء والله عز وجل لا يفيض على القوابل إلا حسب القابليات كما يشير إليه قوله سبحانه: {رَبُّنَا الذي أعطى كُلَّ شيء خَلْقَهُ ثُمَّ هدى} [طه: 50] وقوله تعالى: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ على شَاكِلَتِهِ} [الإسراء: 84] وقوله عز وجل: {وَمَا ظلمناهم ولكن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [النحل: 118] وهذا هو الذي حتم عليه جل شأنه لسيء استعداده بالموافاة على الضلال قاله بعض الأجلة، وقال الطبرسي: لا يهدي إلى الجنة أي يوم القيامة من هو كاذب كفار في الدنيا.
وقال ابن عطية: المراد لا يهدي الكاذب الكافر في حال كذبه وكفره وهذا ليس بشيء أصلًا، والمراد بمن هو كاذب كفار قيل من يعم أولئك المحدث عنهم وغيرهم، وقيل: أولئك المحدث عنهم وكذبهم في دعواهم استحقاق غير الله تعالى للعبادة أو قولهم في بعض من اتخذوهم أولياء من دون الله إنهم بنات الله سبحانه أو أن المتخذ ابن الله تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا، فمن هو كاذب من الظاهر الذي أقيم مقام المضمر على معنى أن الله تعالى لا يهديهم أي المتخذين تسجيلًا عليهم بالكذب والكفر وجعل تمهيدًا لما بعده، وقال بعضهم: الجملة تعليل للحكم.
وقرأ أنس بن مالك والجحدري والحسن والأعرج وابن يعمر {كَذَّابٌ كَفَّارٌ} وقرأ زيد بن علي {لَيَئُوسٌ كَفُورٌ} وحملوا الكاذب هنا على الراسخ في الكذب لهاتين القراءتين وكذا حملوا الكفر على كفر النعم دون الكفر في الاعتقاد لقراءة زيد، وذكر الإمام فيه احتمالين. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1)} فاتحة أنيقة في التنويه بالقرآن جعلت مقدمة لهذه السورة لأن القرآن جامع لما حوته وغيره من أصول الدين.
ف {تَنزِيلُ} مصدر مراد به معناه المصدريّ لا معنى المفعول، كيف وقد أضيف إلى الكتاب وأصل الإِضافة أن لا تكون بيانية.
وتنزيل: مصدر نزّل المضاعف وهو مشعر بأنه أنزله منجّمًا.
واختيار هذه الصيغة هنا للرد على الطاعنين لأنهم من جملة ما تعلّلوا به قولهم: {لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة} [الفرقان: 32].
وقد تقدم الفرق بين المضاعف والمهموز في مثله في المقدمة الأولى.
والتعريف في {الكتاب} للعهد، وهو القرآن المعهود بينهم عند كل تذكير وكل مجادلة.
وأجرى على اسم الجلالة الوصف ب {العزيز الحكيمِ} للإِيماء إلى أن ما ينزل منه يأتي على ما يناسب الصفتين، فيكون عزيزًا قال تعالى: {وإنه لكتاب عزيز} [فصلت: 41]، أي القرآن، عزيز غالب بالحجة لمن كذّب به، وغالب بالفضل لما سواه من الكتب من حيث إن الغلبة تستلزم التفضل والتفوق، وغالب لبلغاء العرب إذ أعجزهم عن معارضة سورة منه، ويكون حكيمًا مثل صفة منزِّله.
والحكيم: إمّا بمعنى الحاكم، فالقرآن أيضًا حاكم عن معارضيه بالحجة، وحاكم على غيره من الكتب السماوية بما فيه من التفصيل والبيان قال تعالى: {مصدقًا لمن بين يديه من الكتاب ومهيمنًا عليه} [المائدة: 48].
وإمّا بمعنى: المحكِم المتقِن، فالقرآن مشتمل على البيان الذي لا يحتمل الخطأ، وإما بمعنى الموصوف بالحكمة، فالقرآن مشتمل على الحكمة كاتصاف منزّله بها.
وهذه معان مرادة من الآية فيما نرى، على أن في هذين الوصفين إيماء إلى أن القرآن معجز ببلاغة لفظه وبإعجازه العلمي، إذا اشتمل على علوم لم يكن للناس علم بها كما بيّناه في المقدمة العاشرة.
وفي وصف {الحَكِيمِ} إيماء إلى أنه أنزله بالحكمة وهي الشريعة {يؤتي الحكمة من يشاء} [البقرة: 269].
وفي هذا إرشاد إلى وجود التدبر في معاني هذا الكتاب ليتوصل بذلك التدبر إلى العلم بأنه حق من عند الله، قال تعالى: {سنريهم آياتِنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق} [فصلت: 53].
ومعنى {العَزيزِ الحكيمِ} في صفات الله تقدم في تفسير قوله تعالى: {فإن زللتم من بعد ما جاءئكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم} في سورة [البقرة: 209].
وافتتاح جملة {إنَّا أنزلنا إليكَ الكتَابَ بالحقّ} بحرف إنَّ مراعى فيه ما استعمل فيه الخبر من الامتنان.
فيحمل حرف إنّ على الاهتمام بالخبر.
وما أريد به من التعريض بالذين أنكروا أن يكون منزّلًا من الله فيحمل حرف إنّ على التأكيد استعمالًا للمشترك في معنييه.
ولما في هذه الآية من زيادة الإِعلان بصدق النبي المنزل عليه الكتاب جدير بالتأكيد لأن دليل صدقه ليس في ذاته بل هو قائم بالإِعجاز الذي في القرآن وبغيره من المعجزات، فكان مقضى التأكيد موجودًا بخلاف مقتضى الحال في قوله: {تَنزيلُ الكتاببِ من الله}.
فجملة {إنَّا أنزلنا إليك الكتابَ} تتنزل منزلة البيان لجملة {تَنزيلُ الكتاببِ من الله}.
وإعادة لفظ {الكِتَابِ} للتنويه بشأنه جريًا على خلاف مقتضى الظاهر بالإِظهار في مقام الإِضمار.
وتعدية {أنزَلْنَا} بحرف الانتهاء تقدم في قوله: {والذين يؤمنون بما أنزل إليك} في أول [البقرة: 4].
والباء في {بالحق} للملابسة، وهي ظرف مستقرّ حالًا من {الكتابِ} أي أنزلنا إليك القرآن ملابسًا للحق في جميع معانيه {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} [فصلت: 42].
وفرع على المعنى الصريح من قوله: {إنَّا أنزلنا إليكَ الكتابَ بالحق} أن أمر بأن يعبد الله مخلصًا له العبادة.
وفي هذا التفريع تعريض بما يناسب المعنى التعريضي في المفرّع عليه وهو أن المعرّض بهم أن يعبدوا الله مخلصين له الدين عليهم أن يدبَّروا في المعنى المعرض به.
وهذا إيماء إلى أن إنزال الكتاب عليه نعمة كبرى تقتضي أن يقابلها الرسول صلى الله عليه وسلم بالشكر بإفراده بالعبادة، وإيماء إلى أن إشراك المشركين بالله غيره في العبادة كفر لنعَمِه التي أنعم بها، فإن الشكر صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه فيما خلق لأجله، وفي العبادة تحقيق هذا المعنى قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} [الذاريات: 56].
فالمقصود من الأمر بالعبادة التوطئة إلى تقييد العبادة بحالة الإِخلاص من قوله: {مُخلِصًا له الدينَ} فالمأمور به عبادة خاصة، ولذلك لم يكن الأمر بالعبادة مستعملًا في معنى الأمر بالدوام عليها.
ولذلك أيضًا لم يُؤت في هذا التركيب بصيغة قصر خلاف قوله: {بل الله فاعبد} [الزمر: 66] لأن المقصود هنا زيادة التصريح بالإِخلاص والرسول صلى الله عليه وسلم منزه عن أن يعبد غير الله.
وقد توهم ابن الحاجب من عدم تقديم المعمول هنا أن تقديم المفعول في قوله تعالى: {بل الله فاعبد} في آخر هذه السورة لا يفيد القصر وهي زلّة عالم.
والإِخلاص: الإِمْحاض وعدم الشوب بمغاير، وهو يشمل الإِفراد.
وسميت السورة التي فيها توحيد الله سورة الإِخلاص، أي إفراد الله بالإلهية.
وأوثر الإِخلاص هنا لإِفادة التوحيد وأخصَّ منه وهو أن تكون عبادة النبي ربه غير مشوبة بحظ دنيوي كما قال تعالى: {قُلْ مَا أسْئَلُكُمْ عَلَيهِ مِن أجْرٍ} [ص: 86].
والدين: المعاملة.